دستور نيوز
كشفت ورقة بحثية نشرتها مجلة “لانسيت” الطبية المرموقة في 5 يوليو/تموز الجاري، أن عدد الشهداء الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أقل بكثير من العدد الفعلي. وتوقع الباحثون أن يصل عدد الشهداء إلى 186 ألف شهيد وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، وذلك بسبب عدد كبير من العوامل التي تساهم في زيادة عدد الشهداء داخل القطاع. صعوبات في رصد الشهداء وبحلول 19 يونيو/حزيران، نشر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة تقريراً عن الوضع الفلسطيني، أشار فيه إلى استشهاد نحو 37400 مواطن فلسطيني، وإصابة نحو 85500 مواطن، بحسب تقارير وزارة الصحة في القطاع. وتعاني وزارة الصحة في غزة من صعوبة في الوصول إلى بيانات كافية تتعلق بعدد الشهداء بسبب تدمير قوات الاحتلال لمعظم البنى التحتية في القطاع. وتعتمد بيانات الوزارة الحالية على رصد حالات الاستشهاد التي تحدث داخل مستشفيات القطاع، وعدد الشهداء الذين نقلهم المواطنون إلى المستشفيات ذاتها، بالإضافة إلى الاعتماد على المعلومات الواردة من مصادر إعلامية موثوقة. وفي محاولة للوصول إلى عدد الشهداء الحقيقيين، لجأت الوزارة إلى نشر تقارير منفصلة عن عدد الشهداء الذين لم يتم التعرف عليهم، والذي بلغ نحو 30% من إجمالي عدد الشهداء. واستخدمت وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية هذه التقديرات الإضافية من قبل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة للتشكيك في دقة الأرقام بشكل عام، إلا أن الدراسة الجديدة تؤكد أن هذه الأرقام المعلنة أقل بكثير من الأرقام الحقيقية. وأشارت منظمة “يورورا” غير الحكومية، التي شاركت في الدراسة، إلى أن عدد الشهداء الذين رصدتهم وزارة الصحة أقل من العدد الحقيقي، حيث وجد مؤسسوها خلال رصد هذه المنظمة لحوادث القتل المستمرة في القطاع أن عدداً من الشهداء الذين تم التعرف عليهم لم يتم رصدهم في تقارير الوزارة. من جهة أخرى، قدرت الأمم المتحدة أن الاحتلال دمر بشكل كامل نحو 35% من المباني في قطاع غزة حتى نهاية فبراير/شباط من العام الجاري، ما يعني أن هناك عددا كبيرا من الشهداء ما زالوا تحت الأنقاض. ونشر مكتب الأمم المتحدة في جنيف في الثاني من مايو/أيار تقريرا عن عدد الشهداء تحت أنقاض غزة، والذي بلغ نحو 10 آلاف شهيد. ويمثل انتشال هؤلاء الشهداء تحديا كبيرا أمام جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، حيث ترجع صعوبة انتشال الشهداء إلى قلة الجرافات والحفارات، إضافة إلى عدم كفاية عدد العاملين، وقد يستغرق الأمر ما يصل إلى 3 سنوات لانتشال الجثث باستخدام الأدوات البدائية المتوفرة حاليا لدى جهاز الدفاع المدني في غزة. وتتزايد أعداد الشهداء، ووفقا لدراسة لانسيت، فإن الوفيات الناجمة عن الصراعات العسكرية لا تعتمد على عدد الوفيات بسبب القصف والقتال، فالحروب لها تداعيات صحية غير مباشرة تتسبب في المزيد من الوفيات في السنوات المتعاقبة بعد توقفها. وتشير الدراسة إلى أن الحروب تسبب معاناة كبيرة للسكان، حيث تنتشر عدد من الأمراض المعدية، مثل السل والملاريا، بالإضافة إلى التهاب الكبد الفيروسي وأمراض الجهاز التنفسي التي تم رصدها بالفعل في قطاع غزة خلال شهر يناير/كانون الثاني. كما تساهم الحروب في انتشار الأمراض غير المعدية، بما في ذلك أمراض القلب والسكري والسرطان، وهي أمراض تتوسع في مناطق الصراع بسبب تدني جودة الرعاية الصحية المقدمة هناك. وبناء على الوضع الحالي في القطاع، توقع المشاركون في ورقة بحثية من مجلة لانسيت زيادة في عدد الشهداء نتيجة تدمير الاحتلال للبنية التحتية الصحية، وحسب الباحثون هذا الرقم بناء على إحصائيات الصراعات الحربية الأخيرة، والتي أسفرت عن عدد كبير من القتلى غير المباشرين (الذين لم يقتلوا بنيران مباشرة)، وعدد القتلى يساوي عدد القتلى المباشرين مضروبا في 3 إلى 15. وفي حالة قطاع غزة، توقعت الدراسة أن يصل عدد الشهداء إلى نحو 186 ألف شهيد، بحساب أن كل وفاة مباشرة (بسبب العدوان العسكري) سيقابلها 4 وفيات غير مباشرة، ويبقى الاحتلال مسؤولا عن هذا العدد الإضافي من الشهداء، فهو السبب في تدهور الأوضاع إلى هذا المستوى. ويشير هذا التوقع إلى أن اعتداءات الاحتلال على قطاع غزة ستؤدي إلى فقدان نحو 8% من سكانه، بحسب تعداد سكانه البالغ نحو 2.2 مليون مواطن حسب تقديرات العام 2022. ودعا الباحثون إلى وقف فوري لإطلاق النار، والعمل على تقديم الخدمات الطبية لسكان القطاع، بالإضافة إلى السماح بمرور الغذاء والمساعدات عبر المعابر، والسماح بدخول المياه النظيفة. كما أكدوا أن تحديد عدد القتلى ضروري لتحديد تكلفة هذه الاعتداءات الوحشية، والبدء في إعادة إعمار القطاع. (الجزيرة)
تقرير بحثي يقدر عدد الشهداء في غزة بنحو 200 ألف…
– الدستور نيوز
عذراً التعليقات مغلقة