العقل البشري عبارة عن قاموس يحتوي على أكثر من 40 ألف كلمة…

صوره اليوم21 نوفمبر 2023

دستور نيوز

لقد حان وقت القاموس الضخم الذي يوضع على رفوف الكتب، أو قاموس الجيب الذي يحمله المسافر في جعبته أثناء سفره إلى الخارج. وقد استبدل الإنسان المعاصر تلك المجلدات الضخمة أو الكتيبات الصغيرة التي تحتوي على عشرات الآلاف من المفردات اللغوية بقواميس وتطبيقات إلكترونية على الهواتف المحمولة يمكن الرجوع إليها عند الحاجة، كما يمكن الحصول على الترجمة المطلوبة للكلمة خلال أجزاء من الثانية. أضف إعلان أثبتت الدراسات العلمية أن العقل البشري يحتوي على قاموس فوري يعمل بمواصفات تتفوق على أفضل تطبيقات الترجمة والقواميس الإلكترونية. يحتوي هذا القاموس على مفردات وأصوات وتركيبات لغوية وعبارات ومعلومات نحوية تتيح للمتحدث إنتاج عدد لا نهائي من الجمل. كما يحتوي على قاموس المرادفات الذي يسمح له بالربط بين الكلمات التي لها دلالات متشابهة من حيث المعنى أو الصوت أو الشكل الإملائي. القاموس العقلي يتفوق على القاموس الإلكتروني! وفي حين يعتبر القاموس الإلكتروني أو التقليدي قاعدة بيانات قياسية لتبادل المعلومات اللغوية، تقول نيكول كاسترو، أستاذة اضطرابات النطق وعلومه بجامعة بافلو بنيويورك، إن “القاموس العقلي له مواصفات شخصية تختلف باختلاف الفرد”. تجارب كل شخص، ورغم أن المفردات اللغوية قد تتشابه في أذهان الأطفال. “اللغة واحدة، كما أن هناك اختلافات كثيرة في محتويات هذه القواميس العقلية ودلالات الكلمات التي تختلف من شخص إلى آخر”. وأضاف كاسترو في تصريحات لموقع The Conversation الذي يهتم بالبحث العلمي، أن “كل إنسان يغذي قاموسه العقلي من خلال التعليم وبيئة العمل والثقافة وتجارب الحياة المختلفة، وهذه الخصائص الفردية للقاموس العقلي تعني أن حجم القاموس يختلف من شخص إلى آخر، ويختلف حسب المرحلة العمرية. ووجد الباحثون أن الأمريكي المتحدث العادي باللغة الإنجليزية، والذي يبلغ من العمر عشرين عاما، يعرف حوالي 42 ألف كلمة من المفردات، ويرتفع هذا العدد إلى حوالي 48 ألف كلمة من المفردات في سن الستين. ويخزن بعض الأشخاص عددا أكبر من المفردات اعتمادا على مفرداتهم تجارب حياتية مختلفة. ويتطرق كاسترو إلى نظرية “خلية الجدة”، أي أن العقل البشري يخزن مفردات لغوية على خلايا عصبية داخل الدماغ، أي أن هناك خلية عصبية مقابل كل كلمة يعرفها الإنسان تسمى “الجدة”. ولا يتفق كاسترو مع هذه النظرية، ويعتقد أن هناك نظام متكامل داخل الدماغ يحمل “نظام معالجة متوازي موزع”، أي أن هناك شبكة من الخلايا العصبية داخل الدماغ تعمل بشكل متكامل لاسترجاع المعلومات اللغوية عندما هناك حاجة إليها. ويعزو العلماء “الكلمة على طرف اللسان” إلى اضطراب مرتبط بالشيخوخة، بحسب وكالة DPA. وتوضح أنه عندما يتذكر الشخص كلمة معينة، مثل “كلب” مثلا، تتبادر إلى ذهنه مجموعة من الأفكار التي ترتبط تلقائيا بهذه الكلمة، مثل صوت نباح الكلب، ملمس فراء الكلب أو ذكريات الكلب الذي كان رفيق طفولتك. وقد ترتبط هذه الكلمة باليقظة الذهنية لمشاعر أو انفعالات معينة تتعلق بتجارب الشخص السابقة في التعامل مع الكلاب. وذكرت كاسترو أن العقل البشري يعمل بسرعة كبيرة في استرجاع معاني المفردات، وأشارت إلى تجربة علمية لقياس سرعة استرجاع المعاني شارك فيها 24 طالبا جامعيا، تم خلالها قياس النشاط العقلي للمتطوعين أثناء مشاهدة مقطع فيديو. مجموعة من الصور. ماذا يحدث داخل أذهاننا أثناء المحادثة؟ وأظهرت التجربة أن الشخص يتذكر اسم الجسم الذي يظهر في الصورة خلال 200 مللي ثانية من مشاهدته. وبعد اختيار الكلمة التي تعبر عن الصور، يسترجع الدماغ معلومات عن هذه الكلمة، مثل كيفية نطقها، مع تجاهل الكلمات الأخرى المشابهة لها ولكنها لا تؤدي إلى نفس المعنى. وبهذه الطريقة يتذكر الإنسان عدداً هائلاً من الكلمات خلال محادثة معينة دون أن يدرك الآلية المعقدة التي تجري داخل عقله دون وعيه. وفي هذا السياق، يشير كاسترو إلى مشكلة تعرف بـ”الكلمة على طرف اللسان”، وهي أن يشعر الإنسان بأنه يعرف الكلمة المطلوبة في سياق معين، لكنه لا يستطيع تذكرها في الوقت المناسب. وتقول إنه في بعض الأحيان يتمكن الشخص من ذكر مرادفات للكلمة المطلوبة أو شرحها بمجموعة من العبارات دون القدرة على استرجاع الكلمة المطلوبة في ذلك الوقت. وترى أن هذه المشكلة في التواصل هي اضطراب طبيعي يرتبط بالشيخوخة، ويعزوها بعض العلماء إلى تدهور القدرة على إصدار الأصوات الصحيحة لنطق الكلمة التي يختارها العقل في سياق لغوي محدد. وتقول إن بعض الأشخاص يعانون من تفاقم اضطرابات النطق إلى درجة عدم القدرة على التحدث بشكل كامل، وتحدث هذه المشاكل في حالات الحوادث أو الإصابات التي تؤثر على مراكز اللغة داخل الدماغ، أو السكتات الدماغية، أو بعض المشاكل الصحية المرتبطة بالعمر، مثل مثل خرف الشيخوخة. عادة ما يجد هؤلاء المرضى صعوبات في استرجاع الكلمات. وتشير إلى أن هناك حاليا طرقا علاجية تركز على التحليل الدلالي للكلمات أو المعالجة الصوتية، وهو ما يرتبط بتحسين القدرة على اختيار وإصدار أصوات الكلمات. كما أن هناك تطبيقات إلكترونية تعمل على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر لتساعد في عملية استرجاع الكلمات لدى هؤلاء المرضى. وينصح كاسترو أنه في المرة القادمة التي تجري فيها محادثة مع شخص ما، يمكنك أن تفكر للحظة في الآلية العقلية التي قادتك إلى اختيار كلمة معينة على أخرى في سياق المحادثة، واعلم أن هذه الكلمات التي تستخدمها هي نتيجة لذلك القاموس الذي تحمله في عقلك، والذي يجعلك فريدًا. عن الآخرين.

العقل البشري عبارة عن قاموس يحتوي على أكثر من 40 ألف كلمة…

– الدستور نيوز

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)